الأربعاء، 14 مايو 202502:28 ص

ماهيتاب عبدالسلام تكتب: العلاج بالفن.. من رسومات الإنسان الأول إلى أداة حديثة للشفاء النفسي

آراء حرة
ماهيتاب عبدالسلام تكتب: العلاج بالفن.. من رسومات الإنسان الأول إلى أداة حديثة للشفاء النفسي
ماهيتاب عبدالسلام – فنانة تشكيلية
15
الأحد، 03 نوفمبر 2024 04:07 مساءً

العلاج بالفن بدأ منذ وجود الإنسان الأول وهو ما أظهره التعبير الفني في رسومات الكهوف، ولم يكن الغرض من هذه الرسومات المتعه فقط ولكنها كانت ذات أبعاد نفسية، فقد رسم الإنسان الأول العجل البري لتنبيه المجتمع بخطورته، كذلك تجسيد وتشكيل الإله كان بهدف التقرب منه ومساعدته على مواجهة مشاكله ومخاطر الحياة، ومن هنا أصبحت الفنون تساعده بطريقة غير مباشرة على تحمل مشاكل الحياة.

فكرة العلاج بالفن نشأت أولا بشكل غير رسمي، مرتبطة أكثر بفكرة التعبير عن النفس بالفن دون ضوابط أو قيود، ففي القرن التاسع عشر لاحظ المعالجون النفسيون أن الفن من المحتمل أن يكون أداة للتعبير عن المشاعر والأفكار التي يصعب التعبير عنها لفظيا، ومع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين بدأت أبحاث سيجموند فرويد وكارل يونج حول التحليل النفسي وإسقاط المشاعر على الرسوم والألوان، فرويد أول من تعمق في هذا المجال ومن ضمن أرائه أن الفن يطهر النفس من الشوائب ويقصد هنا اللاشعور، حيث أن الفنان يعبر لا شعوريا عن رغباته المكبوتة بأشكال مهذبة والتي تم كبتها بواسطة الأنا العليا أي الضمير، وعلى الرغم من أنه لم يمارس الفن بعكس معظم المعالجون النفسيون في هذا الوقت إلا أنه كان قادرا على تحليل الرموز اللاشعورية الموجودة في الأعمال الفنية، وقد قام فرويد بتحليل أعمال كبار الفنانين التشكيليين وأبرزهم ليوناردو دافنشي واستطاع فهم شخصيته من خلال بعض الرموز التشكيلية، ثم جاء كارل يونج أحد المهتمين أيضا بالعلاج بالفن والذي عاصر فرويد وكان مختلفا معه في بعض الأفكار، حيث أن فرويد كان يرجع جميع المشاكل النفسية إلى دوافع جنسية، أما يونج فكان مهتما بشكل أكبر بالعواطف والمشاعر ،وقد أكد على أن الرموز اللاشعورية تعبر عن خبرات شخصية ولها معاني ودلالات من الممكن تحليلها وبالتالى معرفة الحالة النفسية للشخص.

العلاج بالفن بدأ بشكل رسمي خلال الأربعينيات من القرن الماضي، حيث استخدمه الأطباء والمعالجون النفسيون مع الجنود العائدين من الحرب العالمية الثانية كوسيلة للتعبير عن المشاعر والصدمات التي يعانون منها، ومن هنا ترسخت فكرة استخدام العلاج بالفن كوسيلة للتعبير والتعامل مع الصدمات والاكتئاب.

تأسست جمعية العلاج عن طريق الفن AATA بأمريكا في عام 1960، وتم اعتمادها في عام 1969 ومن أهدافها:

*نشر فكرة ممارسة العلاج بالفن في أمريكا وبالتالي إلى باقي الدول.

*تشجيع الجامعات على تدريس العلاج بالفن في مرحلة الدراسات العليا.

*الإشراف على مناهج العلاج بالفن التي تدرس في هذه الجامعات.

*الإشراف على المستشفيات والعيادات التي تتبع أسلوب العلاج بالفن.

*إعطاء الرخص بممارسة العلاج بالفن

إن العلاج بالفن تطور على مر الوقت وأصبح جزءا لا يتجزأ من علم النفس الحديث، مقدماً وسيلة شفاء وإبداع تتجاوز الحدود التقليدية للعلاج، وأثبت فعاليته كوسيلة علاج نفسي فعال، وأصبح يستخدم بشكل متزايد في مجالات الصحة النفسية.