السبت ، 14 يونيو 202511:25 ص
آراء حرة

محمد أحمد الحد يكتب: الربيع الأمريكي.. من لوس أنجلوس تبدأ الأسئلة الكبرى

الثلاثاء، 10 يونيو 2025 09:08 مساءً
محمد أحمد الحد يكتب: الربيع الأمريكي.. من لوس أنجلوس تبدأ الأسئلة الكبرى
الكاتب الصحفي محمد أحمد الحد
15

في شوارع لوس أنجلوس، المدينة التي تجسد الحلم الأمريكي، يتصاعد دخان الاحتجاجات وتعلو الهتافات الغاضبة، كما لو أن التاريخ يُعاد كتابته.

ومع كل سحابة من الغاز المسيل للدموع، يُطرح السؤال مجددًا: ماذا يفعل الناس عندما تُسكت أصواتهم؟ لقد أدت سلسلة المداهمات التي نفذتها سلطات الهجرة الفيدرالية (ICE) لمهاجرين في أماكن عملهم إلى تفجير الغليان.

من محلات البناء إلى متاجر الدونات، انتشرت صور الاعتقالات على مواقع التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى احتجاج حاشد في شوارع المدينة.

احتجاجات لوس أنجلوس
احتجاجات لوس أنجلوس

من “الدونات” إلى “قنابل الغاز”

لم تقتصر المظاهرات على وسط المدينة فحسب، بل امتدت بسرعة إلى ضواحي مثل كومبتون وباراماونت.

تصاعدت المواجهات مع وحدات الأمن الفيدرالية والشرطة، التي ردّت باستخدام “الغاز المسيل للدموع، والرصاص المطاطي، وقنابل صوتية”، مما أسفر عن مشاهد من الغضب، بما في ذلك اشتعال السيارات.

الرد العسكري في الشوارع

أمر الرئيس ترامب بنشر 2000 من الحرس الوطني في لوس أنجلوس، تلاها 700 من مشاة البحرية، ليصل إجمالي القوات إلى أكثر من 4000 جندي.

قوبلت هذه الخطوة بغضب شديد من قادة الولاية، حيث أدانت كامالا هاريس الإجراء، ووصفت نشر القوات بأنه “تصعيد خطير مصمم لإثارة الفوضى والخوف”، مؤكدة أن غالبية الاحتجاجات كانت سلمية.

كما وصف الحاكم جافين نيوسوم الخطوة بأنها “مدبرة للفتنة”، معلنًا أن نشر القوات دون موافقة الولاية غير قانوني، ورفع دعوى قضائية.

من جانبها، دعت عمدة لوس أنجلوس كارين باس لإنهاء مداهمات ICE، مؤكدة أن لوس أنجلوس “مدينة فخورّة بالهجرة” ولن تتسامح مع “أساليب الرعب”.

احتجاجات لوس أنجلوس
احتجاجات لوس أنجلوس

ربيع عربي أم ربيع أمريكي؟

لفهم هذا التحوّل، نحتاج إلى نظرة مقارنة بين الربيع العربي (2010–2011) الذي شهد ثورات شعبية ضد الطغيان، مدعومة من واشنطن بخطاب رسمي يدعم “الحرية والانتقال الديمقراطي”، وبين الوضع الحالي في أمريكا.

المفارقة هنا أن أمريكا، التي كانت تدين استخدام الغاز والرصاص في شوارع غيرها، لا تتردد اليوم في استخدام نفس الأساليب داخل أراضيها.

كما أشار Ed Husain، الكاتب البريطاني والأستاذ في كلية والش للخدمة الخارجية بجامعة جورج تاون، إلى أن “ما يحدث في المنطقة يحدث فوق المحيطات.. ويتصل بنا هنا أيضًا”، مما يدل على ترابط جذور الغضب بين المهمشين والفقراء والمحرومين من الحقوق.

غضب بلا عنوان واحد

إن الغضب في لوس أنجلوس ليس مجرد احتجاج على الهجرة، بل هو انفجار لمجموعة من الأزمات، فهو يعكس التمييز العنصري المستمر وانتشار العنف الشرطي، بالإضافة إلى التمايز الاقتصادي وتآكل الطبقة المتوسطة والمهاجرة.

كما يشير إلى انهيار الثقة بين الشارع والحكومة، وبين الولايات والحكومة الفيدرالية، مرة أخرى، نلاحظ أن وراء “الاحتجاج” روايات متعددة، ليست كلها متاحة في العناوين الرئيسة، لكنها تُغذي بيئة الاحتقان.

احتجاجات لوس أنجلوس
احتجاجات لوس أنجلوس

شهادات من الشارع الأمريكي

تتحدث أصوات المحتجين عن معاناتهم وأحلامهم المفقودة، من بين هؤلاء، قال أحد المتظاهرين: “نحن هنا لنُسمع صوتنا، لم نعد نحتمل الظلم الذي يتجاهل حقوقنا”.

هذه الكلمات تعكس الشعور العام بين المتظاهرين، الذين يرون في الاحتجاج وسيلة لاستعادة كرامتهم، كما أضافت متظاهرة أخرى: “إنه وقت التغيير، ونريد أن نكون جزءًا من الحل، لا أن نكون ضحايا”.

البحث عن حرية حقيقية

ما يحدث في لوس أنجلوس اليوم لا يتوقف عند حدود المدينة؛ إنه اختبار أميركي داخلي لم يحقق بعد حلاً نهائيًا.

إنها لحظة يتحدى فيها الشارع ما خرجت به أمريكا للعالم: الحرية، والكرامة، والعدالة، فهل نسمّي ما يحدث “ربيعًا أمريكيًا”؟ أم هو زلزال داخلي يستدعي إعادة قراءة المفاهيم؟

في النهاية، تطرح لوس أنجلوس السؤال: إذا كانت الحرية شعارًا ولونًا خارجيًا، فهل تُعامل بنفس النزاهة داخليًا؟

احتجاجات لوس أنجلوس
احتجاجات لوس أنجلوس

لايفوتك