
لم تكن ثورة 30 يونيو مجرد لحظة غضب شعبي أو حراك عابر في مسيرة الوطن، بل كانت تعبيرًا حيًا عن إرادة أمة قررت أن تستعيد مسارها وتعيد بناء دولتها على أسس من الوعي والانتماء الحقيقي، بعيدًا عن الاستغلال السياسي والمغامرات غير المحسوبة التي كادت تعصف بمقدرات الدولة المصرية.
لقد جاءت 30 يونيو كحالة فريدة من الاصطفاف الوطني، حيث نزل ملايين المصريين إلى الشوارع لا لينقلبوا على شرعية، بل ليستعيدوا الشرعية الحقيقية التي تُمنح للشعوب حين تُختطف مؤسساتها ويتم العبث بهويتها ووحدتها الوطنية. وما فعله المصريون آنذاك كان رفضًا واضحًا لسياسات الإقصاء والتفرد، ورفضًا لمنهج اختزال الوطن في جماعة، والدولة في مكتب إرشاد.
لقد كان لثورة 30 يونيو دور حاسم في إنقاذ مصر من سيناريوهات الانقسام والفوضى التي طالت العديد من دول المنطقة. وأثبتت التجربة أن الدولة الوطنية الراسخة، القائمة على التعددية، وقوة المؤسسات، واحترام الدستور، هي الضمانة الوحيدة للحفاظ على الأمن القومي واستقرار المجتمع.
ومن منطلق مسؤوليتنا الوطنية، نؤمن بأن ذكرى 30 يونيو ليست فقط مناسبة للاحتفال، بل هي دعوة متجددة لتجديد العهد مع الوطن، ولترسيخ قيم التشاركية، وتوسيع دائرة التمكين السياسي والاجتماعي لكل فئات الشعب. إننا نرى في ثورة ٣٠ يونيو نقطة انطلاق لمشروع وطني يقوم على التنمية المستدامة، والعدالة الاجتماعية، والهوية المتوازنة التي تحترم ثوابت الأمة وتنفتح على العصر.
إن 30 يونيو لم تكن نهاية مرحلة، بل بداية جديدة لمشروع وطني كبير، ما زال يتشكل وينضج، ونحن على يقين أن مستقبل مصر سيكون كما أراده شعبها: وطنًا للجميع، قويًا بمؤسساته، عزيزًا بهويته، متقدمًا بتنميته.

اقرأ لهؤلاء
ثروت الخرباوي يكتب: 30 يونيو.. اللحظة التي قررت فيها الدولة أن تعود من المنفى
عصام هلال عفيفي يكتب: ثورة 30 يونيو.. إرادة شعب وميلاد وطن جديد