
قال اللواء دكتور طارق جمعة، الباحث في شئون الحركات الإسلامية، في تصريح خاص لـ”سياسة بوست” أن تحليل البيان المتداول المنسوب لجماعة الإخوان المسلمين في مصر – 14 مايو 2025 – يقتضي النظر من زوايا متعددة: المحتوى، الأسلوب، التوقيت، الرسائل السياسية، والفرضيات المحتملة.
وأضاف “جمعة” أن البيان مكتوب بلغة رسمية معتدلة تخلو من نبرة المظلومية المعتادة في بيانات الجماعة، والتي يُستخدم فيه تعبير “حل الجماعة نهائيًا داخل القطر المصري”، وهو تعبير غريب على أدبيات الجماعة التي دائمًا ما تنكر الحل التنظيمي، وتؤكد “أنها فكرة لا تموت”.
وأشار؛ إلى أن البيان يُقسم الجماعة بوضوح إلى: “الشق السياسي” (المتوقف)، و”الشق الدعوي والتربوي” (المستمر)، وهذا يوحي برسالة مزدوجة: إنهاء السياسي لا يعني نهاية المشروع.
وأكد جمعة؛ أن البيان يحتوي على رسائل ضمنية، وهي رسالة للدولة؛ يُظهر البيان قبول الجماعة بـ”الابتعاد الكامل عن العمل السياسي”، مما قد يُفهم كنوع من طلب المصالحة أو التهدئة، ورسالة للقواعد التنظيمية؛ محاولة لإعادة التموضع، خاصة بعد الانشقاقات بين جبهتى أنقرة ولندن.
وأشار الباحث في شئون الجماعات الإسلامية، أن إعلان التوقف عن السياسة؛ قد يُفهم كتكتيك وليس استراتيجية، إذ سبق أن أعلنت الجماعة مواقف مشابهة بعد 1954 و1965 ثم عادت تدريجيًا، مؤكدًا أن التخلي عن العمل السياسي “داخل القطر” قد يكون تمهيدًا لتركيز العمل من الخارج.
وأشار؛ إلى أن البيان يأتي في وقت تتصاعد الحديث عن مصالحات داخلية في بعض الدول العربية، وانتهاء التنظيم داخل مصر أمنيًا وميدانيًا، موضحًا أن هناك تصدع داخلي بين أجنحة التنظيم الإدارية والقيادية في الخارج، وضغوط دولية متزايدة على الجماعة لنبذ العنف والتمييز بين مكوناتها.
ونوه “جمعة” أن الاحتمال ضعيف بسبب غياب تأكيد البيان، لكن إن صحّ فهو يعكس مراجعات فكرية وتنظيمية حقيقية أو محاولة للتكتيك السياسي، ربما جزء من خطة لإعادة تموضع التنظيم للنجاة من الحصار الأمني والمجتمعي.
وأشار “جمعة” انه وارد جدًا أن يكون البيان مُفبرك خاصة أن الصياغة أنيقة لكن غير مألوفة، ولا توجد جهة توقيع داخل التنظيم (لا اسم قيادي، لا شعار جناح)، وقد يكون جزءًا من حرب معلومات أو تضليل دعائي.