السبت ، 24 مايو 202510:48 م

عمرو عزت يكتب: الشيخ عبد المتعال الصعيدي.. العمامة المستنيرة

آراء حرة
عمرو عزت يكتب: الشيخ عبد المتعال الصعيدي.. العمامة المستنيرة
عمرو عزت عضو مجلس الشيوخ عن تنسيقية شباب الأحزاب والسياسيين عن حزب التجمع
15
الجمعة، 08 نوفمبر 2024 07:12 مساءً

العمامة المستنيرة.. هو عنوان لدراسة أكاديمية صدرت عن الهيئة العامة لقصور الثقافة للمفكر الكبير الدكتور أحمد سالم – أستاذ الفلسفة الإسلامية بجامعة طنطا، حول تجديد فكر الخطاب الدينى عند الشيخ الأزهرى عبدالمتعال الصعيدى.

صاحب العمامة المستنيرة، والذى كان واحدًا ممن أثاروا الجدل والتساؤلات داخل أروقة الأزهر الشريف بأفكاره المستنيرة، والداعية إلى التطور والتجديد فى كافة القضايا الدينية والدنيوية، مقتديًا ومتصلًا بشيخه الإمام محمد عبده.

هو شيخ أزهرى معمم، ولد فى أواخر القرن قبل الماضى، سنة 1894، وتوفى سنة 1966، عن عمر ناهز 72 عاما، قضى أغلبها فى البحث والاطلاع، والمعارك الفكرية، وأصدر خلالها 49 كتابا، أبرزها «الحرية الدينية فى الإسلام»، و«حرية الفكر فى الإسلام»، و«المجددون فى الإسلام»، و«قضية مجاهد فى الإصلاح»، و«تاريخ إصلاح الأزهر»، و«لماذا أنا مسلم»، فضلا عن 20 مخطوطا لكتب أهداها للأزهر، منها «رسالة فى الحدود الإسلامية»، لكنها لم تنشر.

وأستعرض بعض القضايا التى تعرضت لها الدراسة حول فكر الشيخ عبدالمتعال الصعيدى، ليس ردًا على أقاويل، ومزاعم البعض من دعاة الدين، وإنما ظنًا منى أننى أستطيع من خلالها أن ألفت النظر لإحياء تراث الشيخ وأمثاله من المجددين المعبر عن روح العصر والتقدم، وظنًا منى أيضًا أننا نحتاجه الآن كسلاح للعقل ونحن على أعتاب جمهوريتنا الجديدة.

«فلكلّ إنسان أن يعتقد ما يشاء فى الدنيا، وحسابه على الله تعالى فى الآخرة، وليس من حقّنا أن نحاسبه بشىء على ما يعتقده؛ لأنّه إنسان عاقل يتحمّل مسؤولية اعتقاده، ولا نتحملها عنه نحن».

«فتح الإسلام للعلماء باب الاجتهاد فى الدين فأعطى للعقل سلطانه على دليل النقل يستنبط منه ما يشاء من أحكام الدنيا والآخرة، ويدخل فيه ما يلزم من التأويل، ومن التخصيص والتعميم، ومن التقييد والإطلاق، ومن ضروب الاجتهاد، حتى يهيئه للحكم الذى اتفقا فيه من الغاية وهى سعادة الناس فى دنياهم وأخراهم، وحتى لا يكون على الناس حرج فى الدين، لأن الدين يسر لا عسر، وتسهيل لا إعنات، وإسعاد لا إشقاء».

«هل فقهنا اليومى يفى بحاجاتنا فى هذا العصر الذى وُجد فيه من الحوادث فى باب المعاملات من بيوع وشركات وغيرها ما لا يُحصي؟. نحن لا نزال نقرؤه فى كتاب أبى شجاع، وغيره مما مضت عليه عدة قرون اللهم.. لا يفى بذلك، ولا يصح أن نغالط أنفسنا بعد أن ترك العمل به معظم الدول الإسلامية».

ما سبق كان بعضا من آراء الشيخ عبدالمتعال الصعيدى وطريقته فى التفكير، والتى كان من الطبيعى أن يُتّهم ويعاقب بها من جانب المتكلمين التقليديين، الذين انتفضوا ضد أبحاثه حفاظًا على مدرستهم الجامدة، فى تناول القضايا التشريعية وعلاقتها المتصلة بمناحى الحياة الاجتماعية والسياسية، فعقدوا له محاكمة فى ثلاثينيات القرن الماضى، تشكلت من كبار علماء الأزهر الشريف؛ من الشيخ عبد المجيد اللبان (القريب من جماعة الإخوان)، والشيخ محمد مأمون الشناوى، ورئاسة الشيخ محمد عبد اللطيف الفحام، فكفّر الشيخ اللبان الشيخ الصعيدى، وطلب أن يُستتاب كما يُستتاب المرتد، ورأى الشيخ الفحام أنّه لا يستحق هذه العقوبة، وأنّه أراد التخفيف على الناس، ورأى الشيخ الشناوى أن يُنقل من كونه مدرّسًا فى كلية اللغة العربية، إلى قسم المعاهد الأزهرية فى طنطا، ووقف ترقيته لمدة خمسة أعوام.

وأخيرا..

إذا كان الشيخ قد مات وفى نفسه غصة من أنه لم ينل ما يريد، فعزاؤه أن الصالح من أفكاره لم يمت، وظل يعمل فى موته كما كان يعمل فى حياته.

رحم الله الشيخ المستنير