الأحد، 12 أكتوبر 202507:29 ص
الرئيسية

جرائم بلا سقف.. تقرير الأمم المتحدة يضع تل أبيب أمام محاكمات دولية محتملة

الجمعة، 19 سبتمبر 2025 02:19 مساءً
جرائم بلا سقف.. تقرير الأمم المتحدة يضع تل أبيب أمام محاكمات دولية محتملة
غزة
15

في سابقة قانونية وسياسية بالغة الخطورة، أزاحت لجنة تحقيق أممية الستار عن نتائج تحقيق استمر ما يقارب عامين، لتخلص إلى أن إسرائيل ارتكبت جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. هذا الاستنتاج، الذي يستند إلى معايير القانون الدولي الإنساني واتفاقية منع جريمة الإبادة لعام 1948، لا يقتصر على توثيق الانتهاكات الميدانية فحسب، بل يضع الدولة العبرية أمام مساءلة قضائية محتملة أمام أعلى الهيئات القضائية في العالم، من محكمة العدل الدولية إلى المحكمة الجنائية الدولية.

ويكشف التقرير الأممي، المدعوم بشهادات شهود عيان وتحليل صور أقمار صناعية وتصريحات رسمية إسرائيلية، عن نمط ممنهج من القتل والتجويع والحصار يرقى إلى مستوى الجرائم التي شهدها العالم في أبشع فصول القرن العشرين، ما يفتح الباب أمام محاكمات دولية قد تُعيد رسم المشهد السياسي والقانوني للصراع في الشرق الأوسط وتضع المجتمع الدولي أمام اختبار تاريخي لقدرته على إنفاذ العدالة ومنع تكرار المآسي الإنسانية.

ما هي الإبادة الجماعية وفق القانون الدولي؟

تستند اللجنة في تقريرها إلى اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تُعرّف الإبادة بأنها أي فعل يُقترف “بقصد تدمير جماعة قومية أو عرقية أو دينية كلياً أو جزئياً”. وتشمل الأفعال المندرجة تحت هذه الجريمة:

قتل أعضاء المجموعة المستهدفة.

إلحاق أذى جسدي أو نفسي خطير بهم.

فرض ظروف معيشية مدمرة تهدف إلى القضاء عليهم.

منع المواليد داخل المجموعة.

نقل الأطفال قسراً إلى جماعات أخرى.

ورغم اعتماد الاتفاقية منذ عام 1948، لم تُثبت المحاكم الدولية سوى ثلاث حالات إبادة جماعية: مذابح الخمير الحمر في كمبوديا، وإبادة التوتسي في رواندا عام 1994، ومجزرة سربرينيتشا في البوسنة عام 1995.

أدلة لجنة الأمم المتحدة على ارتكاب إسرائيل إبادة جماعية

بعد تحقيق ميداني استمر 23 شهراً شمل مقابلات مع ضحايا وشهود وأطباء وتحليل صور أقمار اصطناعية ووثائق مفتوحة المصدر، أكدت اللجنة أن الجيش الإسرائيلي والسلطات الإسرائيلية نفذوا أربعة من أصل خمسة أفعال تشكل جريمة الإبادة الجماعية، وهي:

القتل الجماعي للفلسطينيين.

التسبب في أذى بدني ونفسي خطير.

فرض ظروف معيشية تستهدف التدمير الجزئي أو الكلي.

إجراءات تهدف إلى منع المواليد.

واعتبرت اللجنة أن تصريحات نتنياهو وعدد من المسؤولين الإسرائيليين، مثل وزير الدفاع السابق يوآف جالانت والرئيس إسحق هرتسوغ، تشكّل أدلة مباشرة على النية الإبادية. ومن بين الأمثلة: رسالة نتنياهو إلى جنوده في نوفمبر 2023 التي وصف فيها الحرب على غزة بأنها “حرب إبادة مقدسة”، وتصريح جالانت الذي أعلن فيه “حصاراً كاملاً” على القطاع واصفاً سكانه بـ”الحيوانات البشرية”.

التبعات القانونية المحتملة

أشارت اللجنة إلى أن هذه النتائج يمكن أن تُستخدم أمام محكمة العدل الدولية، التي تنظر بالفعل في قضية رفعتها جنوب إفريقيا عام 2023 ضد إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في غزة. ورغم أن الفصل في القضية قد يستغرق سنوات، فقد أمرت المحكمة إسرائيل باتخاذ تدابير عاجلة لمنع استمرار أعمال الإبادة.

كما تنظر المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي في اتهامات بجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وأصدرت مذكرات اعتقال بحق نتنياهو وجالانت في نوفمبر الماضي، مع احتمال توسيع الاتهامات لتشمل جريمة الإبادة الجماعية في ضوء نتائج التحقيق الأممي.

دلالات التقرير الأممي

يمثل هذا التقرير سابقة خطيرة قد تُعيد تشكيل مسار الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، إذ يضع إسرائيل تحت مجهر القانون الدولي الإنساني، ويفتح الباب أمام تحركات قضائية ودبلوماسية غير مسبوقة، بما في ذلك فرض عقوبات دولية أو محاسبة قيادات عسكرية وسياسية إسرائيلية أمام المحاكم الدولية.