الأحد، 12 أكتوبر 202502:31 ص
آراء حرة

إبراهيم خالد يكتب: في هذا الظرف الراهن.. نحتاج إلى حوار صريح مع الرئيس

الخميس، 11 سبتمبر 2025 08:23 مساءً
إبراهيم خالد يكتب: في هذا الظرف الراهن.. نحتاج إلى حوار صريح مع الرئيس
الكاتب الصحفي إبراهيم خالد
15

تمر مصر بمرحلة هي الأصعب منذ سنوات، حيث تتقاطع الضغوط الاقتصادية مع التحديات الاجتماعية والسياسية، المواطن اليوم يواجه واقعًا قاسيًا: ارتفاع الأسعار، تراجع القدرة الشرائية، بطالة تؤرق الشباب، وقلق متزايد بشأن المستقبل. في المقابل، ما يزال الخطاب الرسمي بعيدًا في كثير من الأحيان عن هموم الناس اليومية، مكتفيًا بتأكيدات عامة ووعود طويلة الأمد.

وفي موازاة ذلك، تتعاظم التحديات الإقليمية والعسكرية، فالتوتر المستمر بين غزة وإسرائيل يلقي بظلاله على الأمن القومي، والملف الفلسطيني يظل مصدر قلق استراتيجي لمصر، بينما ما تعرضت له دولة قطر مؤخرًا من تهديدات يبرز هشاشة البيئة العربية ويضاعف الحاجة إلى يقظة سياسية وعسكرية متواصلة. في المقابل، ما يزال الخطاب الرسمي بعيدًا في كثير من الأحيان عن هموم الناس اليومية، مكتفيًا بتأكيدات عامة ووعود طويلة الأمد. وهنا تبرز الحاجة إلى حوار صريح ومباشر مع الرئيس عبد الفتاح السيسي، حوار يضع النقاط على الحروف ويكسر الحاجز بين المواطن وصاحب القرار.

الاقتراح هو إجراء حوار صحفي شامل يجريه شباب الصحفيين من مختلف الصحف والمواقع، على أن يتم اختيارهم بعناية، ليس وفق معايير الولاء أو الصوت الواحد، بل على أساس الجرأة والقدرة على طرح الأسئلة التي يتجنبها الآخرون. حينها فقط يمكن أن يكون الحوار حدثًا ذا قيمة، لا مجرد مادة بروتوكولية جديدة.

لماذا نحتاج هذا الحوار؟ أولًا لأن الشفافية لم تعد خيارًا، بل ضرورة وطنية، الناس لم تعد تقتنع بالبيانات الرسمية وحدها، بل تريد سماع تفسير مباشر لقرارات مصيرية: لماذا تراجع الجنيه بهذا الشكل؟ ما خطة الدولة الحقيقية للخروج من الأزمة الاقتصادية؟ متى يشعر المواطن بثمار المشروعات القومية؟ هذه أسئلة مشروعة، ومن حق الصحافة أن تطرحها ومن حق الرئيس أن يجيب عليها بوضوح.

ثانيًا، لا يمكن للإعلام أن يظل مجرد صدى للخطاب الرسمي. حين يجلس الصحفيون الشباب أمام الرئيس، فإنهم لا يمثلون أنفسهم بل يمثلون ملايين المواطنين. إذا طُرحت الأسئلة الصعبة ـ عن الحريات، عن المشاركة السياسية، عن العدالة الاجتماعية ـ فإن الرسالة ستكون واضحة: هناك مساحة للنقاش وليست كل القضايا محرّمة. وهذا بحد ذاته خطوة نحو استعادة ثقة الجمهور في الإعلام، بل وفي العملية السياسية برمتها.

ثالثًا، الحوار الواسع المنشور في كل الصحف والمواقع، ومنها التابعة للشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، سيكشف ما إذا كنا جادين فعلًا في بناء عقد اجتماعي جديد يقوم على الصراحة لا على التجميل. إن الاستمرار في تقديم صورة مثالية من طرف واحد لم يعد مقنعًا، بل قد يزيد الفجوة بين الدولة والمجتمع.

من المؤكد أن هناك من سيحذّر من “الأسئلة المحرجة” أو “المبالغة في النقد”، لكن التهرب من مواجهة هذه الأسئلة هو ما يغذي الشائعات ويفتح الباب أمام فقدان الثقة. أما الجرأة في الإجابة، حتى لو لم تكن الإجابات مرضية للجميع، فهي التي تعيد الثقة المفقودة.

في النهاية، إذا كان الرئيس واثقًا من مشروعه ومن قدرته على قيادة البلاد، فإن أصدق اختبار لهذه الثقة هو مواجهة أسئلة صريحة يطرحها شباب صحفيون أمام الرأي العام. إننا لا نحتاج إلى خطاب جديد بقدر ما نحتاج إلى حوار مباشر، لا يخشى النقد ولا يكتفي بالتأكيدات العامة. هذا الحوار قد يكون خطوة أولى نحو مصالحة أوسع بين المواطن والدولة، وبين الواقع والتطلعات.