
أفاق الشرق الأوسط والعالم فجر اليوم على أضخم ضربة أمريكية تُشن ضد المنشآت النووية الإيرانية منذ عقود.
ومع أن حجم القنابل المستخدمة في الهجوم كان مرعبا ، إلا أن السؤال الحقيقي الذي يتردد الآن في مراكز القرار الإقليمي والعالمي هو: هل انتهى البرنامج النووي الإيراني إلى الأبد؟
الضربة الجوية الأمريكية استهدفت ثلاث منشآت مركزية في البرنامج النووي الإيراني، هي:
1. مفاعل فوردو المدفون تحت جبل في محافظة قم.
2. منشأة نطنز، أشهر مواقع التخصيب وأحد أعمدة المشروع النووي الإيراني.
3. موقع أصفهان، وهو مركز لتطوير أجهزة الطرد المركزي وتخصيب اليورانيوم بدرجات عالية.
وقد استخدمت القوات الأمريكية في هذه الضربة قنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU-57 المعروفة بـ”موب”، تزن كل واحدة منها 13 طناً تقريبًا، حيث ألقي ما مجموعه أكثر من 170 طناً من المتفجرات عالية الصدقة بحسب ما نقلته صحيفة معاريف الإسرائيلية.
الضربة نُفذت بدقة تكنولوجية عالية، بمشاركة طائرات b 2 وF-35 الشبحية، بدعم من طائرات تجسس وحرب إلكترونية، في مشهد حربي غير مسبوق في التعامل مع إيران. لكن الأهم من كل ذلك، هو ما لم تستطع الطائرات أن تدمره: العقيدة النووية الإيرانية، وصلابة الإرادة، وذكاء التحوّط الأمني.
صور الأقمار الصناعية: إيران نقلت “الكنز” قبل الضربة
صحيفة واشنطن بوست فجّرت مفاجأة كبرى عندما نشرت تقريرًا استند إلى صور أقمار صناعية التُقطت يوم 19 يونيو، أي قبل الضربة بـ48 ساعة، أظهرت نشاطًا غير طبيعي أمام مفاعل فوردو.
وقد رُصدت عشرات الشاحنات مصطفة أمام المجمع تحت الجبلي، تُشير إلى عملية نقل كبيرة ومنظمة، ما دفع المراقبين إلى الاعتقاد أن إيران أخلت الموقع من أهم محتوياته، قبل الضربة الأمريكية.
الأمر تأكد أكثر عندما نقلت وكالة رويترز تصريحات عن قادة عسكريين إيرانيين أكدوا نقل اليورانيوم المخصب والمواد الحساسة من فوردو ونطنز قبل أيام من القصف، ما يعني أن البنية الفيزيائية للمواقع قد تضررت، لكن “الروح التقنية والعلمية” للبرنامج بقيت سليمة.
هل فشلت الضربة؟
الإجابة ليست في حجم الدمار، بل في ما بقي دون أن يُدمر، فى الضربة الأمريكية أصابت منشآت ودمّرت مباني ومحطات كهرباء ومختبرات، لكن إيران، ووفقا لتقارير غربية أثبتت أنها تعلم أن الحرب مع أمريكا قادمة.
فالخبراء والعلماء، والمواد النووية، والأجهزة الحساسة… كلها نُقلت إلى أماكن سرّية، ضمن عقيدة “الانتشار الذكي” التي طورتها إيران بعد اغتيال العالم محسن فخري زاده في 2020.
إيران: دولة لا تروض بسهولة
برغم الحصار والتجسس والضغوط والتفجيرات والاغتيالات،والهجوم الإسرائيلي وبعذه الأمريكي أثبتت إيران أنها دولة لا تُروَّض بسهولة. إنها دولة تحمل مشروعًا علميا استراتيجييا، تُديره بنفس طويل، وعقيدة سياسية لا تؤمن بالاستسلام.
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وفي تصريحه فجر اليوم، حاول أن يُخيّر طهران بين “السلام أو المأساة”، وكأن إيران دولة تدار بالتهديد.
الضربة الأمريكية لم تُنه البرنامج النووي الإيراني، بل زادت من شرعيته في الداخل الإيراني. فالمجتمع الذي يرى أن أمريكا تتصرف كقوة استعمارية، سيزداد تعلقًا بمشروع الاستقلال العلمي والسيادي.