السبت ، 11 أكتوبر 202511:06 م
تقارير

إيران وإسرائيل على صفيح ساخن.. ومضيق هرمز يهدد لقمة عيش المصريين

الأحد، 15 يونيو 2025 03:45 مساءً
إيران وإسرائيل على صفيح ساخن.. ومضيق هرمز يهدد لقمة عيش المصريين
إيران وإسرائيل على صفيح ساخن.. ومضيق هرمز يهدد لقمة عيش المصريين
15

تقرير: محمد أحمد الحد

في الساعات الأولى من صباح الجمعة 13 يونيو 2025، اندلع تصعيد عسكري خطير وغير مسبوق بين إيران وإسرائيل، حيث قصفت طائرات إسرائيلية منشآت نووية ومواقع عسكرية داخل إيران، بينها منشأة نطنز ومراكز للحرس الثوري في أصفهان وقم، وأسفرت الضربات عن مقتل قادة ومسؤولين في الحرس الثوري والجيش، إضافة إلى علماء بارزين في منشآت تخصيب اليورانيوم.

الرد الإيراني جاء سريعًا، عبر إطلاق صواريخ باليستية وطائرات مسيّرة استهدفت مناطق إسرائيلية، منها تل أبيب وأسدود وبئر السبع، وأسفرت الهجمات عن مئات الإصابات وعشرات المفقودين، بحسب ما أعلنه الجيش الإسرائيلي.

هذا التصعيد غير المسبوق بين الجانبين يعيد رسم خرائط التوتر في الشرق الأوسط، ويهدد بشلل اقتصادي عالمي في حال امتد إلى أحد أهم الممرات الملاحية في العالم: مضيق هرمز.

إيران وإسرائيل على صفيح ساخن.. ومضيق هرمز يهدد لقمة عيش المصريين
إيران وإسرائيل على صفيح ساخن.. ومضيق هرمز يهدد لقمة عيش المصريين

من دمشق إلى نطنز.. جذور الحرب الإيرانية الإسرائيلية

لم يكن الصراع العسكري الحالي بين إيران وإسرائيل وليد لحظة مفاجئة، بل هو تتويج لمسار طويل من العداء والتصعيد المتبادل امتد لعقود، وتفاقم بشكل حاد منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في أكتوبر 2023.

حيث نفذت إسرائيل سلسلة من الضربات الجوية ضد مواقع تابعة لإيران أو لحلفائها، أبرزها حزب الله، في كل من سوريا ولبنان، لكن الحدث الذي شكّل نقطة تحول مفصلية وقع في أبريل 2024، حين استهدفت طائرات إسرائيلية المبنى الملحق بالقنصلية الإيرانية في حي المزة بالعاصمة السورية دمشق، ما أدى إلى مقتل 16 شخصًا، بينهم العميد محمد رضا زاهدي، القيادي البارز في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، وسبعة ضباط آخرين.

إيران توعدت حينها بالرد في “الوقت المناسب”، واعتبرت الهجوم انتهاكًا صارخًا للسيادة السورية والحرمة الدبلوماسية، وكان هذا الحدث بمنزلة تصعيد مباشر وغير مسبوق بين الطرفين.

إلى جانب ذلك، تزايدت حدة التوتر نتيجة البرنامج النووي الإيراني، فقد فشلت الجولات المتكررة من المفاوضات بين طهران والقوى الغربية، بوساطة أمريكية، في التوصل إلى اتفاق يعيد ضبط أنشطة إيران النووية.

وفق ما أوردته تقارير الاستخبارات الإسرائيلية، فإن طهران تمتلك قدرات فنية تمكّنها من تصنيع نحو 15 قنبلة نووية، في حال قررت تجاوز العتبة النووية، وهو ما دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى وصف هذا البرنامج بأنه “خطر واضح ومباشر على بقاء إسرائيل”، مؤكدًا أن بلاده “لن تقف مكتوفة الأيدي أمام هذا التهديد”.

تصاعد القلق الإسرائيلي تزامن مع تقارير تفيد بزيادة تخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز إلى نسب تقترب من درجة الاستخدام العسكري، ما اعتُبر تجاوزًا للخطوط الحمراء.

وبذلك، شكّل مزيج الضربات الإسرائيلية على الحلفاء الإقليميين لإيران، والجمود النووي، والاغتيالات المستهدفة، أرضية خصبة لانفجار الصراع بصورته الحالية.

إيران وإسرائيل على صفيح ساخن.. ومضيق هرمز يهدد لقمة عيش المصريين
إيران وإسرائيل على صفيح ساخن.. ومضيق هرمز يهدد لقمة عيش المصريين

مضيق هرمز في مرمى النيران.. الشريان الذي يخنق العالم إذا أُغلق

يمر نحو 20% من تجارة النفط العالمية عبر مضيق هرمز، ما يجعله أحد أهم وأخطر الممرات البحرية عالميًا، وتدرك إيران أهمية هذا الموقع، وقد سبق أن استخدمته كورقة ضغط، عبر تهديد الملاحة أو احتجاز ناقلات نفط.

خلال السنوات الماضية، احتجز الحرس الثوري الإيراني عدة سفن غربية، آخرها ناقلة ترفع العلم البريطاني في يوليو 2024، ومع اشتداد الصراع، تزداد المخاوف من أن تلجأ إيران مجددًا لعرقلة المرور في المضيق باستخدام زوارق سريعة أو ألغام بحرية.

ما يعني أن أي محاولة لإغلاق المضيق، أو حتى التأثير المؤقت على حركة الشحن، ستنعكس مباشرة على أسعار النفط وإمدادات الطاقة العالمية، ما سيؤدي إلى موجات تضخم واسعة، وارتفاع تكلفة الوقود في الدول المستوردة للنفط، وعلى رأسها مصر.

من الواضح أن الجيش الأمريكي وحلفائه الإقليميين سيسعون لحماية مضيق هرمز من أي هجوم إيراني، لكن على الجانب الآخر فإن إيران قد تستخدم زوارق سريعة صغيرة لعرقلة أو احتجاز ناقلات النفط والسفن الأخرى التي تمر عبر هذا الممر الملاحي الضيق، ووفقاً لما ذكرته وكالة  “رويترز”، حيث نقلت عن عضو بالبرلمان الإيراني بأن “إيران تدرس بجدية إغلاق مضيق هرمز البحري”

النفط يشتعل.. وأسواق العالم ترتجف

شهدت أسعار النفط ارتفاعًا فوريًا بعد الضربات، حيث صعد خام برنت بنسبة 10% ليقترب من 85 دولارًا للبرميل، مع توقعات بتجاوز حاجز 100 دولار في حال استمر التصعيد أو هُددت حركة المرور في مضيق هرمز.

الأسواق المالية تأثرت بشدة، بورصات آسيا وأوروبا سجلت خسائر ملحوظة، وشركات الطاقة والنقل الجوي تراجعت نتيجة القلق من ارتفاع التكاليف. كما زاد الإقبال على الذهب والدولار كملاذات آمنة، في ظل خوف المستثمرين من تفاقم الأزمة.

مصر في عين العاصفة الاقتصادية

رغم ابتعادها جغرافيًا عن مركز النزاع، فإن مصر تظل إحدى الدول الأكثر عرضة لتأثيراته الاقتصادية، حيث تعتمد مصر على استيراد كميات ضخمة من الوقود، ويؤدي أي ارتفاع في أسعار النفط إلى:

زيادة أعباء الموازنة العامة للدولة.

ارتفاع أسعار السلع الأساسية والنقل.

ضغط إضافي على سعر صرف الجنيه أمام الدولار.

صعوبات في توفير المواد الخام اللازمة للصناعة.

اضطراب في حركة الشحن التجاري عبر قناة السويس حال اتساع رقعة التوتر في الخليج.

في إطار متابعة تداعيات العملية العسكرية الإسرائيلية الإيرانية، أكد الدكتور مصطفى مدبولي عن متابعة الدولة المصرية للموقف أولا بأول وتنسيق بين محافظ البنك المركزي ووزير المالية لزيادة المخزون الاستراتيجي من السلع المختلفة.

مشيرًا إلى أنه تم التنسيق بين السيد حسن عبدالله، محافظ البنك المركزي، والسيد أحمد كجوك، وزير المالية، لزيادة المخزون الاستراتيجي من السلع المختلفة.

وأكد رئيس الوزراء أنه سيتم عقد اجتماع مع وزيري الكهرباء والبترول، لاستعراض سيناريوهات تداعيات الأحداث العسكرية بالمنطقة.

وفي حال طال أمد الصراع، قد تجد الحكومة المصرية نفسها أمام معضلة دعم أسعار الوقود والسلع، في ظل التزاماتها تجاه برامج الحماية الاجتماعية والاستقرار النقدي.

مساندات وتحالفات.. الأطراف تتحرك خلف الستار

المواجهة الحالية لا تقتصر على إيران وإسرائيل وحدهما، خلف كل طرف تحالفات تتأهب:

إسرائيل تحظى بدعم سياسي وعسكري من الولايات المتحدة، إضافة إلى تنسيق استخباراتي دائم مع دول أوروبية، والبنتاغون عزز من وجوده البحري في الخليج لحماية الملاحة.

إيران تستند إلى دعم روسيا، وتعاون استراتيجي مع الصين في ملفات الطاقة والسلاح، كما تمتلك شبكة من الميليشيات الحليفة في العراق وسوريا ولبنان واليمن، قد تُفعّل في حال توسع الصراع.

دول الخليج تتابع بحذر، إذ تخشى امتداد النيران إلى أراضيها، لكنها في الوقت ذاته تخشى استهداف منشآتها النفطية إذا تدخلت مباشرة.

المشهد الإقليمي يتسم بحالة استقطاب، والاحتمال الأكبر أن يشهد مزيدًا من الانخراط غير المعلن من أطراف متعددة عبر التمويل، أو التغطية السياسية، أو الدعم اللوجستي.

السيناريوهات المتوقعة.. تصعيد واسع أم احتواء حذر؟

السيناريوهات القادمة تعتمد على ردود الفعل الدولية، وحدود التصعيد بين الجانبين:

1. احتواء مؤقت: بوساطة أمريكية أو أممية لوقف الضربات المتبادلة، مع الحفاظ على التهديدات متبادلة ومحدودة النطاق.

2. تصعيد إقليمي: تدخل ميليشيات حليفة لإيران في سوريا والعراق ولبنان، وشنّ هجمات على مصالح إسرائيلية أو أمريكية.

3. ضربة إسرائيلية أوسع: إذا استهدفت تل أبيب منشآت أعمق في قلب إيران، قد تتجه طهران إلى ردود أكثر خطورة تشمل استهداف الملاحة أو المصالح الأمريكية.

4. تهديد الملاحة: محاولة إيرانية لإغلاق مضيق هرمز أو تعطيله مؤقتًا، ما سيفتح الباب أمام تدخل دولي واسع.

في جميع السيناريوهات، يبقى الوضع هشًا، والعالم يقف على حافة أزمة طاقة حقيقية، قد تكون الأقسى منذ الغزو الروسي لأوكرانيا.

ذات صلة