الأحد، 26 أكتوبر 202504:18 م
آراء حرة

إبراهيم خالد يكتب: السعودية مملكة نووية

الأربعاء، 17 سبتمبر 2025 10:12 مساءً
إبراهيم خالد يكتب: السعودية مملكة نووية
إبراهيم خالد – كاتب صحفي
15

ليست كل التحالفات متشابهة، فبعضها يغيّر التوازنات، ويعيد رسم خرائط النفوذ، ويصنع واقعًا استراتيجيًا جديدًا. هذا ما حدث اليوم الموافق 17 سبتمبر 2025، حين وقّعت المملكة العربية السعودية مع باكستان اتفاقية دفاع مشترك نصّت بوضوح على أن أي اعتداء على إحداهما يُعد اعتداءً على الأخرى. اتفاق عسكري في ظاهره، لكنه في جوهره رسالة ردع كبرى، لأن باكستان ليست مجرد شريك تقليدي، بل قوة نووية قائمة بذاتها.

بهذا التفاهم، تدخل السعودية عمليًا تحت مظلة ردع نووي غير معلن، لتتحول من دولة تعتمد على قوتها الاقتصادية والسياسية والروحية، إلى دولة محمية أيضًا بقوة نووية صديقة. وهنا يظهر بُعد جديد في توصيف المملكة.. إنها باتت مملكة نووية بالمعنى الاستراتيجي، حتى وإن لم تمتلك السلاح النووي في أراضيها.

لكن هذه الخطوة تفتح الباب لأسئلة شائكة: كيف ستنظر إيران إلى هذا التحالف الذي قد يقيد طموحاتها؟ وكيف ستتعامل الهند مع دخول الرياض في معادلة دفاعية مع خصمها اللدود باكستان؟ أما الغرب فسيقف على مسافة مزدوجة.. مطمئن إلى تعزيز قدرات السعودية الدفاعية، لكنه في الوقت ذاته متوجس من احتمالات إطلاق سباق تسلح إقليمي جديد. وحتى إسرائيل، رغم تقاربها مع الرياض، لن تستطيع تجاهل أن المملكة لم تعد مجرد قوة اقتصادية بل قوة مغطاة بردع نووي.

في الداخل السعودي، الاتفاقية تحمل بعدًا نفسيًا مهمًا. المواطن يرى في هذه الخطوة تأكيدًا أن المملكة ليست وحدها في مواجهة التحديات، وأنها قادرة على بناء تحالفات تحفظ أمنها وتحمي مصالحها. إعلاميًا، يمكن لهذه الاتفاقية أن تُقدَّم باعتبارها شهادة على مكانة السعودية كقوة إسلامية عظمى، تجمع بين الثقل الروحي والدعم العسكري الأشد حساسية في العالم.. السلاح النووي.

يبقى التحدي الأكبر أمام القيادة السعودية هو كيفية إدارة هذه الورقة الاستراتيجية. فهي يمكن أن تُستخدم كعنصر ردع يحفظ الاستقرار ويحول دون اندلاع الحروب، لكنها قد تتحول أيضًا إلى مصدر توتر إضافي إذا ما استُغلّت من أطراف إقليمية تسعى لتأجيج سباق تسلح نووي في المنطقة.

اليوم، تدخل السعودية فصلًا جديدًا في سياستها الدفاعية. فهي لم تعلن امتلاك قنبلة نووية، لكنها أبرمت اتفاقًا يجعلها جزءًا من معادلة الردع النووي في العالم. وهذا كفيل بأن يرفع من حصانتها، ويضاعف من تأثيرها، ويمنحها مكانة لم تصل إليها من قبل.
بكل المقاييس، يمكن القول إن المملكة العربية السعودية صارت بالفعل، مملكة نووية.