الاثنين، 20 أكتوبر 202504:54 ص
آراء حرة

طاهر أبو زيد يكتب: رسالة الاستحقاق بين التعب وصندوق الانتخاب

الإثنين، 22 سبتمبر 2025 06:02 مساءً
طاهر أبو زيد يكتب: رسالة الاستحقاق بين التعب وصندوق الانتخاب
المهندس طاهر أبوزيد
15

يا صديقي العزيز، كثيرًا ما نُتعب أنفسنا في مسارات الحياة المختلفة: في العمل، في السعي، وفي طريق السياسة والانتخابات، نتعب فنظن أننا نستحق، ثم نرى غيرنا ينال ثمارًا عاجلة، فنظن أن تعبنا لم يكن كافيًا، أو أن جهدنا ضاع بلا أثر. وهنا يقع الإنسان في فخ المقارنة السطحية، وينسى أن الاستحقاق ليس صورةً آنية، بل رحلة ممتدة.

الاستحقاقات الانتخابية، في جوهرها، لا تُقاس فقط بعدد الأصوات، ولا تختزل في يوم الاقتراع. إنها حصيلة تاريخ من تواصل، من بناء ثقة، من احتكاك مباشر بالناس، من تعبٍ تراكمي لا يضيع حتى وإن لم يُتوَّج في لحظة بعينها. فالاستحقاق الحقيقي لا يُولد من ورقة في صندوق، بل من رصيد في القلوب والعقول.

العدل ليس أن نحصد فورًا، بل أن نُدرك أن لكل تعب قيمة قائمة بذاتها. فالمسار الانتخابي يُشبه الزرع: قد تتأخر ثماره، لكن جذوره تترسخ في الأرض، لتُثمر في موسم آخر. ومن ظن أن الخسارة نهاية فقد أخطأ الفهم، فحتى الخسارة تُضيف لرصيد التجربة، وتُعيد تشكيل الوعي، وتبني أرضية أوسع لمستقبل أكثر رسوخًا.

يا صديقي، لا تجعل من تأخر النصر حكمًا على بطلان الطريق. فما بُني بإخلاص سيظل حاضرًا، وما زُرع بالصدق لا بد أن يُثمر. الانتخابات ليست نهاية الرحلة، بل فصل في كتاب أطول اسمه العمل العام. فيها يُختبر الصبر قبل أن يُكافأ الجهد، ويُقاس الإخلاص قبل أن تُحسب الأصوات.

ولعل أصدق ما يختصر هذه الرحلة، وعد الله تعالى حين قال:
﴿وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَىٰ . وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَىٰ . ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ﴾

فلتحتسب ما بذلته عند الله، ولتستكمل سعيك بثقة ويقين، فإن ما يُبنى في الحق لا يضيع، ولو تأخر أو التبس الطريق.