
يستعد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقيام بزيارة تاريخية إلى المملكة العربية السعودية منتصف مايو المقبل، لتكون أولى محطاته الخارجية منذ توليه السلطة في يناير الماضي. تأتي هذه الزيارة في توقيت حرج، حيث تشهد المنطقة اضطرابات متصاعدة في غزة ولبنان وسوريا، إضافة إلى تصاعد التوتر بين واشنطن وطهران. ومن المتوقع أن تحمل هذه الزيارة أبعادًا استراتيجية تتجاوز تعزيز العلاقات الثنائية، لتشكل نقطة تحول في المشهد السياسي الإقليمي.
لقاء ترامب والشرع: تفاصيل ودلالات
أفادت قناة i24 الإسرائيلية أن ترامب سيلتقي بالرئيس السوري أحمد الشرع خلال زيارته المرتقبة للسعودية، في لقاء تم الترتيب له بوساطة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. يأتي هذا التطور وسط ضبابية في الموقف الأمريكي تجاه النظام السوري الجديد، حيث تتعامل واشنطن بحذر مع الإدارة السورية الجديدة التي تولت السلطة بعد سقوط نظام بشار الأسد.
ويحمل هذا اللقاء دلالات عميقة على أكثر من مستوى، فهو يشير إلى محاولة إعادة دمج سوريا في المشهد السياسي الدولي، وفتح قنوات التواصل مع النظام السوري الجديد بقيادة الشرع. كما قد يعكس رغبة أمريكية في إعادة رسم خارطة التحالفات في المنطقة، بما في ذلك احتمال تليين الموقف تجاه دمشق مقابل تقليص النفوذ الإيراني في سوريا.
مدى دقة اللقاء وتأثيره على خريطة المنطقة
رغم تأكيد قناة i24 الإسرائيلية للخبر، لم تصدر تأكيدات رسمية أمريكية أو سعودية حتى الآن، مما يطرح تساؤلات حول مدى دقة هذه المعلومات. لكن إذا ما تم اللقاء فعلًا، فإنه سيشكل تحولًا جذريًا في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، وقد يكون مقدمة لإعادة تأهيل النظام السوري الجديد على الساحة الدولية. كما قد يمهد لتحولات كبرى في العلاقة بين سوريا وإسرائيل، خاصة أن الأخيرة لم تبدِ اعتراضًا علنيًا على تولي الشرع السلطة، بخلاف موقفها المتشدد تجاه الأسد.
ما المتوقع أن يدور في اللقاء؟
إذا جرى اللقاء بين ترامب والشرع، فمن المتوقع أن يتناول عددًا من الملفات الحساسة، أبرزها:
مستقبل العلاقات السورية-الأمريكية: حيث تسعى واشنطن إلى مراقبة نهج النظام الجديد ومدى استعداده لتنفيذ إصلاحات سياسية.
الدور الإيراني في سوريا: حيث من المرجح أن يطلب ترامب ضمانات من دمشق بالحد من النفوذ الإيراني في البلاد.
إعادة الإعمار والانفتاح الاقتصادي: وهو ملف قد يشكل مدخلًا لدمج سوريا مجددًا في النظام الاقتصادي العالمي.
التطبيع مع إسرائيل: وهو موضوع قد يكون حاضرًا على الطاولة، خاصة مع تصاعد الاتجاهات الإقليمية نحو تسوية النزاعات عبر اتفاقات دبلوماسية.
تأثير اللقاء على العلاقة بين سوريا وإسرائيل
إذا ما تم اللقاء وأفضى إلى تفاهمات معينة، فقد يؤدي إلى تهدئة تدريجية بين سوريا وإسرائيل، خاصة في ظل رغبة الطرفين في تجنب تصعيد غير محسوب. وقد يكون هناك وساطة أمريكية لإعادة فتح قنوات حوار غير مباشرة بين الجانبين، وهو ما قد يغير كثيرًا من معادلات الصراع في المنطقة.
الزيارة وتأثيرها على الملفات الساخنة في المنطقة
1. حرب غزة المتجددة:
تزامنت الزيارة مع تجدد الهجمات الإسرائيلية على غزة منذ أسبوعين.
من المتوقع أن تسعى واشنطن إلى تهدئة الأوضاع وضمان عدم تصعيد المواجهة إلى حرب شاملة.
2. الملف الإيراني:
هدد ترامب بشن “ضربات غير مسبوقة” على إيران، مما يزيد من احتمالات حدوث مواجهة عسكرية.
قد يحاول ترامب الحصول على دعم سعودي لموقف أكثر تشددًا ضد طهران.
3. الضربات الإسرائيلية على لبنان:
كثفت إسرائيل ضرباتها على مواقع تابعة لحزب الله في جنوب بيروت.
من المرجح أن تبحث واشنطن مع الرياض سبل احتواء التصعيد بين إسرائيل وحزب الله.
4. الملف السوري:
قد تمثل الزيارة خطوة أولى في مسار إعادة دمج سوريا في النظام العربي والدولي.
من المحتمل أن يتم بحث إمكانية تقليل الدور الإيراني والروسي في سوريا مقابل تحسين العلاقات مع الدول العربية والغرب.
الدور السعودي المتنامي في المنطقة
تحولت السعودية خلال السنوات الأخيرة إلى مركز ثقل سياسي ودبلوماسي في المنطقة، حيث لعبت دورًا محوريًا في تشكيل التحالفات الإقليمية ومواجهة التحديات الأمنية. كما نجحت الرياض في استقطاب قادة العالم، لتصبح مركزًا للمبادرات الدبلوماسية الكبرى، مثل التوسط في أزمات أوكرانيا والسودان.
خاتمة: ملامح الشرق الأوسط الجديد
تمثل زيارة ترامب إلى الرياض نقطة تحول في المشهد السياسي للمنطقة، حيث قد تؤسس لتحالفات جديدة، وتعيد رسم معادلات الصراع في سوريا وغزة ولبنان، مع تصاعد التوترات مع إيران. وإذا ما صحت التقارير عن لقائه مع الشرع، فقد يكون ذلك مؤشرًا على مرحلة جديدة في التعاطي مع الملف السوري، تحمل معها تغييرات جذرية في خريطة النفوذ والتحالفات الإقليمية.